فضيلة العلامة الكبير المرحوم الشيخ زاهد الكوثري
نشرت بصحيفة صوت الإسلام العدد الرابع عشر الجمعة27من صفر1375هـ السنة الأولى
قالت الصحيفة وهي تقدم المقالة وكاتبها للقراء:
تعددت الدعوات الهدامة في العالم الإسلامي في السنوات الأخيرة، وأغلب هذه الدعوات خلقها المستعمرون بالدراهم والدولارات، بقصد تفكيك عرى المسلمين، وإبعادهم عن مصادر هدايتهم وعزتهم، وقطع الصلة بينهم وبين ماضيهم الملئ بالمفاخر، ومن هذه الدعوات الأثيمة، الدعوة التي تنفخ فيها جماعة معروفة بصلتها بدولة أجنبية، تمدها بالمال والمعاونات المختلفة، وتهدف هذه الدعوة إلى نبذ المذاهب الأربعة، بزعم العودة إلى كتاب الله وسنة رسوله –صلى الله عليه وسلم- والأخذ عنهما فقط لا عن غيرهما من أئمة المسلمين وكبار فقهائهم...، ومن غير المرحوم العلامة الكوثري يستطيع أن يقذف بالحق على باطل القوم فإذا هو زاهق؟؟
---------------------------------------------------
لا تجد بين رجال السياسة على اختلاف مبادئهم من يقيم وزنا لرجل يدعي السياسة وليس له مبدأ يسير عليه، ويكافح عنه باقتناع وإخلاص، وكذلك الرجل الذي يحاول أن يخادع الجمهور قائلا لكل فريق " أنا معك، ومن أردأ خلال المرء أن يكون إمعة، لا مع هذا الفريق ولا مع ذلك الفريق، وإن تظاهر لكل فريق أنه معه. وقديما قال الشعر العربي:
يوما يمان إذا لاقيت ذا يمن وإن لقيت معد فعدناني
ومن يتذبذب بين المذاهب منتهجا اللا مذهبية في الدين الإسلامي فهو أسوأ وأردأ من الجميع.
وللعلوم طرائف خاصة تختلف مناهجهم حتى في العلم الواحد عن نوع خاص، فمن أدعى الفلسفة من غير انتماء إلى أحد مسالكها المعروفة فإنه يعد سفيها منتسبا إلى السفه، لا إلى الفلسفة، والقائمون بخدمة العلوم لهم مبادئ خاصة، ومذاهب معينة حتى في العلوم العربية لا يمكن إغفالها، ولا تسفيه أحلام المتمسكين بأهدابها لمن يريد أن يكرع من ينابيعها الصافية.
ليس ثمة علم من العلوم عني به العلماء عناية تامة على توالي القرون من أبعد عهد في الإسلام إلى أدنى عهوده القريبة منا مثل الفقه الإسلامي، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يفقه أصحابه في الدين، ويدربهم على الفهم فيه بالاستنباط ، حتى كان نحو ستة من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين يفتون في عهد النبي صلى الله عليه وسلم. وبعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى استمر الصحابة في التفقه على هؤلاء، ولهم أصحاب معروفون بين الصحابة والتابعين، في الفتيا، فالمدينة كانت مهبط الوحي ومقر جمهرة الصحابة إلى أخر حياة ثالث الخلفاء الراشدين، وعني كثيرا من التابعين من أهل المدينة بجمع شتات المنقول عن الصحابة من الفقه والحديث حتى كان للفقهاء السبعة من أهل المدينة منزلة عظيمة في الفقه وكان سعيد بن المسيب يسأله ابن عمر رضي الله عنهما عن أقضية أبيه، تقدير من ذلك الصحابي لسعة علم هذا التابعي الكبير بأقضية الصحابة.
ثم انتقلت علوم هؤلاء إلى شيوخ مالك من أهل المدينة، فقام بجمعها وإذاعتها على الجماهير، فنسب المذهب إليه تأصيلا وتفريعا وشهد بالإجماع له علماء كبار تقديرا لقوة حججه على توالى الأيام والسنين، ولو قام أحد هؤلاء العلماء المنتمين إليه بالدعوة إلى مذهب يستجده لوجد من يتابعه من أهل العلم لسعة علمه، وقوة نظره، لكنهم فضلوا المحافظة على الانتساب إلى مذهب عالم المدينة حرصا على اجتماع الكلمة، وعلما منهم بأن بعض المسائل الضعيفة المروية عن صاحب المذهب تترك في المذهب إلى ما هو أقوى حجة وأمتن نظر برأي ذوي الشأن من فقهاء المذهب، حتى أصبح المذهب باستدراك المستدركين لمواطن الضعف بالغ القوة، بحيث إذا قارعه أحد المتأخرين أو ناطحه فقد رأسه.
وهكذا باقي المذاهب للأئمة المتبوعين.
فها هي الكوفة بعد ابتناها "الفاروق" رضي الله عنه وأسكن حولها الفصح من قبائل العرب، بعث إليها بن مسعود رضي الله عنه ليفقه أهل الكوفة في دين الله قائلا لهم: "إني آثرتكم على نفسي بعبد الله " وعبد الله هذا منزلته في العلم بين الصحابة عظيمة جدا وهو الذي يقول فيه عمر: كنيف ملئ علما" وفيه ورد حديث " إني رضيت لأمتي ما رضى لها بن أم عبد" وحديث من أراد أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على قراءة بن أم عبد فقراءة بن مسعود هي التي يرويها عاصم عن زر بن حبيش عنه، كما أن قراءة على بن أبي طالب كرم الله وجهه التي يرويها عاصم عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن حبيب السلمي عنه، فعنى بن مسعود بتفقيه أهل الكوفة من عهد عمر إلى أواخر عهد عثمان رضي الله عنهم عناية لا مزيد عليها، حتى امتلأت الكوفة بالفقهاء، ولما انتقل علي أبن أبي طالب كرم الله وجهه إلى الكوفة سر من كثرة فقهائها جدا، فقال: " رحم الله بن أم عبد قد ملأ هذه القرية علما" ووالى باب مدينة العلم تفقيههم، إلى أن أصبحت الكوفة لا مثيل لها في أمصار المسلمين في كثرة فقهائها ومحدثيها، القائمين بعلوم القرآن وعلوم اللغة العربية فيها بعد أن اتخذها علي بن أبي طالب كرم الله وجهه عاصمة الخلافة، وبعد أن انتقل إليها أقوياء الصحابة وفقهاؤهم.
وقد ذكر العجلي أنه توطن الكوفة وحدها من الصحابة ألف وخمسمائة صحابي سوى من أقام بها ونشر العلم بين ربوعها، ثم انتقل إلى بلد آخر فضلا عن باقي بلاد العراق، فكبار أصحاب علي وبن مسعود رضي الله عنهما بها لو دونت تراجمهم في كتاب خاص لأتى كتابا ضخما، وليس هذا موضع سرد لأسمائهم، وقد جمع شتات علوم هؤلاء إبراهيم بن يزيد النخعي، وأراؤه مدونة في آثار أبي يوسف؛ وآثار محمد بن الحسن، ومصنف بن أبي شيبة وغيرها، ويعد النقاد مراسيله صحاحا، وبفضله على جميع علماء الأمصار الشعبي الذي يقول عنه بن عمر رضي الله عنهما حينما رآه يحدث بالمغازي: " لهو أحفظ لها مني وإن كنت قد شهدتها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم" ويقول الحسن بن سرين: "دخلت الكوفة فوجدت بها أربعة ألاف يطلبون الحديث وأربعمائة قد فقهوا كما في المحدث الفاصل للرامهرمزي" وقد جمع أبو حنيفة علوم هؤلاء ودونها بعد أخذ ورد شديدين في المسائل بينه وبين أفذاذ أصحابه في مجمع فقهي كيانه من أربعين فقيها من نبلاء تلاميذه المتبحرين في الفقه والحديث وعلوم القرآن والعربية، كما نص على ذلك الطحاوي وغيره وعن هذا الإمام الأعظم يقول محمد بن إسحاق النديم الذي ليس هو من أهل مذهبه:" والعلم برا وبحرا، وشرقا وغربا بعيدا وقريبا تدوينه رضي الله عنه" ويقول الشافعي رضي الله عنه:" الناس عيال في الفقه على أبي حنيفة" وبيد أصحابه وأصحاب أصحابه نضج الفقه ولم يدعوا كلاما لم يستدرك- شكر الله سعيهم.
ثم أتى الشافعي رضي الله عنه فجمع عيونا من المعينين، وزاد ما تلقاه من شيوخه من أهل مكة كمسلم بن خالد الذي تلقى العلم عن بن جريج عن عطاء عن بن عباس رضي الله عنهما، وقد امتلأ الخافقان بأصحاب الشافعي وأصحاب أصحابه، وملاؤا العالم علما، وأهل مصر من أعرف الناس بعلومه وعلوم أصحابه حيث سكنها في أواخر عمره ونشر بها مذهبه الجديد ودفن بها رضي الله عنه، ولا يتسع هذا المقال لبيان ما لسائر الأئمة من الفقهاء من الفضل على الفقه الإسلامي، وهم على اتفاق في نحو ثلثي مسائل الفقه، والثلث الباقي هو معترك آرائهم، وحججهم في ذلك ومداركهم مدونة في كتب أهل الفقه فمذاهب تكون بهذا التأسيس وهذا التدعيم إذا لقيت في آخر الزمن متزعما في الشرع يدعو إلى نبذ التمذهب بها باجتهاد جديد يقيمه مقامها محاولا تدعيم إمامته بالا مذهبية بدون أصل يبنى عليه غير شهوة الظهور , تبقى تلك المذاهب وتابعوها في حيرة بماذا يحق أن ينقلب من عنده مثل هذه الهواجس والوساوس , أهو مجنون مكشوف الأمر غلط من لم يقده إلى مستشفى المجاذيب أم مذبذب بين الفريقين يختلف أهل العقول في عده من عقلاء المجانين، أو مجانين العقلاء..!؟
بدأنا منذ مدة نسمع مثل هذه النعرة من أناس هم في حاجة شديدة ما أرى إلى الكشف عن عقولهم بمعرفة الطبيب الشرعي ، قبل الالتفات إلى مذاعمهم في الاجتهاد الشرعي القاضي –في زعمهم- على اجتهادات المجتهدين، فعلى تقدير ثبوت أن عندهم بعض عقل، فلا بد أن يكونوا من صنائع أعداء هذا الدين الحنيف ممن لهم غاية ملعونة ترمي إلى تشتيت اتجاه الأمة الإسلامية في شئون دينهم ودنياهم تشتيتا يؤدي بهم إلى التناحر والتنابذ والتشاحن، والتنابذ يوما بعد يوم بعد إخاء مديد استمر بينهم منذ بزغت شمس الإسلام إلى اليوم.
فالمسلم الرزين لا ينخدع بمثل هذه الدعوة، فإذا سمع نعرة الدعوة إلى الانفضاض من حول أئمة الدين الذي حرسوا أصول الدين الإسلامي وفروعه من عهد التابعين إلى اليوم، كما توارثوه من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين، أو ترك سمعة نعيق النيل من مذهب أهل الحق فلا بد له من تحقيق مصدر هذه النعرة واكتشاف وكر هذه الفتنة، وهذه النعرة لا يصح أن تكون من مسلم صميم درس العلوم الإسلامية حق الدراسة، بل إنما تكون من متمسلم مندس بين علماء المسلمين أخذ بعض رءوس مسائل من علوم الإسلام بقدر ما يظن أنها تؤهله لخدمة صنائعه ومرشحيه، فإذا دقق ذلك المسلم الرزين النظر في مصدر تلك النعرة بنوره الذي يسعى بين يديه بجده شخصا لا يشارك المسلمين في آلامهم وآمالهم إلا في الظاهر بل يزامل ويصادق أنا سآلا يتخذهم المسلمون بطانة، ويلفيه يجاهر بالعداء لكل قديم وعتيق إلا العتيق المجلوب من مغرب شمس الفضيلة ويراه يعتقد أن رطانته تؤهله عند أساده -لعمل كل ما يعمل، فعندما يطلع ذلك المسلم على جلية الأمر يعرف كيف يخلص بيئة الإسلام من شرور هذا النعيق المنكر بإيقاف أهل الشأن على حقائق الأمور.
والحق يعلو ولا يعلى عليه.
فمن يدعو الجمهور إلى نبذ المتذهب بمذاهب الأئمة المتبوعين الذين أشرنا فيما سبق إلى بعض سيرهم – لا يخلو من أن يكون من الذين يرون تصويب المجتهدين في استنباطاتهم كلها بحيث يباح لكل شخص غير مجتهد أن يأخذ بأي رأي من آراء أي مجتهد من المجتهدين بدون حاجة إلى الاقتصار على آراء مجتهد واحد يتخيره في الإتباع، وهذا ينسب إلى المعتزلة وأما الصوفية فإنهم يصوبون المجتهدين بمعنى الأخذ بالعزائم خاصة من بين أقوالهم من غير اقتصار على مجتهد واحد. وإليه يشير أبو العلاء صاعد بن أحمد بن أبي بكر الرازي –من رجال نور الدين الشهيد في كتابه- "الجمع بين التقوى والفتوى من مهمات الدين والدنيا" حيث ذكر في أبواب الفقه منه ما هو مقتضى الفتوى، وما هو موجب التقوى من بين أقوال الأئمة الأربعة خاصة، وليس في هذا معنى التشهي أصلا بل هو محض التقوى والورع.
والرأي الذي ينسب إلى المعتزلة يبيح لغير المجتهد الأخذ بما يروقه من الآراء للمجتهدين، لكن أقل ما يجب على غير المجتهد في باب الاجتهاد أن يتخير لدينه مجتهدا يراه الأعلم الأروع فينصاع لفتياه كل صغير وكبير بدون تتبع الرخص- في التحقيق وأما تتبعه الرخص من أقوال كل إمام، والأخذ بما يوافق الهوى من آراء الأئمة، فليسا إلا تشهيا محضا، وليس عليهما مسحة من الدين أصلا كائنا من كان مبيح ذلك، ولذلك يقول الأستاذ أبو إسحاق الإسفرايني الإمام، عن تصويب المجتهدين مطلقا:"أوله سفسطة وآخره زندقة"، لأن أقوالهم تدور بين النفي والإثبات فأنى يكون الصواب في النفي والإثبات معا...؟ نعم إن من تابع هذا المجتهد في جميع آرائه فقد خرج من العهدة أصاب مجتهدة أم أخطأ، وكذا المجتهدون الآخرون، لأن الحاكم إذا اجتهد وأخطأ فله أجر واحد، الأحاديث في هذا الباب في غاية من الكثرة، وعلى اعتبار من قلد المجتهد خارجا من العهدة وإن أخطأ مجتهدة جرت الأمة منذ بزغت شمس الإسلام، ولا تزال بازغة إلى قيام الساعة –بخلاف شمس السماء فإن لها فجرا وضحى وغروبا- ولولا أن المجتهد يخرج من العهدة على تقدير خطئه لما كان له أجر، وليس كلامنا فيه. وكلام الأستاذ أبي إسحاق الإسفرايني عن المصوبة حق يدل عليه ألف دليل ودليل، ولكن ليس هذا بموضوع توسع في بيان ذلك.
وأما إن كان ذلك الداعي إلى نبذ المتذهب يعتقد في الأئمة المتبوعين أنهم من أسباب وعوامل الفرقة والخلاف بين المسلمين، وأن المجتهدين في الإسلام إلى اليوم كلهم خطأ، وأنه يستدرك عليهم في آخر الزمن الصواب الذي خفي على الأمة منذ بزوغ شمس الإسلام إلى اليوم فهذا من التهور والمجازفة البالغين حد النهاية.
ونحن نسمع من فلتات ألسنة دعاة هذه النعرة بين حين وآخر تهوين أمر أخبار الآحاد الصحيحة من السنة، وكذا الإجماع والقياس بل دلالات الكتاب المعتبرة عند أهل الاستنباط. فبتهوين أخبار الآحاد يتخلصون من كتب السنة من صحاح وسنن وجوامع ومصنفات ومسانيد وتفاسير بالرواية وغيرها، وإذن فلا معجزة كونية تستفاد منها، فهل يسلك مثل هذه السبل من سبل الشيطان غير صانع أعداء الإسلام؟ على أن أخبار الآحاد عند احتفافه بالقرائن، بل يوجد بين أهل العلم من يرى أن أحاديث الصحيحين –غير المنتقدة- من تلك الأحاديث المحتفة بالقرائن. وينفي الإجماع يتخلصون من مذاهب جمهرة أهل الحق،وينحازون إلى الخوارج المرقة، والروافض المردة. وبرد القياس الشرعي يسدون على أنفسهم باب الاجتهاد ومسالك العلة –على طرقها المعرفة المألوفة- منحازين إلى نفاة القياس من الخوارج والروافض وجامدي أهل الظاهر وبتلاعبهم بدلالات الكتاب المعتبرة عند أهل الاستنباط يتخذون القيود الجارية مجرى الغالب الملغاة باتفاق بين القائلين بالمفاهيم وغير القائلين بها من صدر الإسلام إلى اليوم وسيلة لتغير كثير من الأحكام القطعية ويجعلون للعرف شأنا غير ما له عند جميع هذه الأمة خانعين لما ألقاه بعض مستشرقي اليهود بمصر في عمل أهل المدينة ونحوه. وكذلك صنيعهم في المصلحة التي شرحنا دخائلها بعض شرح في مقالنا ( شرع الله في نظر المسلمين)
وكل ذلك يجري تحت بصر الأزهر وسمعه. ورجاله سكوت والسكوت على تلك المخازي مما لا يرتضيه الأزهر السني الذي أسس بنيانه على التقوى منذ عهد الملك الظاهر بيبريس وأمرائه الأبرار، حيث صيروه معقل للعلم لأهل السنة، بعد أن أحيوا معالمه؛ ولم تزل ملوك الإسلام ترعاه على هذا الأساس إلى اليوم، ولا يزال بابه مغلقا على غير أتباع الأئمة الأربعة وكم أجروا عليه من الخيرات لهذه الغاية النبيلة، وللملك فؤاد الأول رحمه الله عليه يد بيضاء، في إنهاض الأزهر على ذلك الأس القويم، والحكومة الرشيدة المتمسكة بأهداب الدين الإسلامي لم تزل تسدي إليه كل جميع مرعاه تلك السديدة.
فإذا تم لدعة النعرة الحديثة قصر الاجتهاد على شخص واحد من أبناء العهد الحديث –بمؤهلات غير مألوفة- وتمكنوا من إبانة المذاهب المدونة في الإسلام لهؤلاء الأئمة الأعلام، ومن حمل الجماهير على الانصياع لآراء ذلك الشخص يتم لهم ما يريدون، ولكن الذي يتغنى بحرية الرأي على الإطلاق بكل وسيلة كيف يستقيم له منع الطامحين من أبناء الزمن مثله إلى الاجتهاد من الاجتهاد أم كيف يجيز إملاء ما يريد أن عليه من الآراء على الجماهير مرغمين فاقدي الحرية، أم كيف يبيح داعي الحرية المطلقة حرمان الجماهير المساكين المقلدين حرية تخير مجتهد يتابعونه باعتبار تعويلهم عليه في دينه وعلمه في عهد النور!!!؟ ولم يسبق لهذا الحجر مثيل في عهد الظلمات!!!!! وهذا مما لا أستطيع الجواب عنه وقصارى القول أنك إذا قمت بدرس أحوال القائمين بتلك النعرة الخبيثة وجدتهم لا يألفون المألوف ولا يعرفون المعروف، أعمت شهوة الظهور بصائرهم حتى تراهم يصادقون المتألبين على الشرق المسكين، فنعرتهم هذه ما هي إلا نعيق الإلحاد المنبعث عن أهل الفساد فيجب على أهل الشأن أن يسعوا في تعريف مصدر الخطر، وإطفاء الشرر، وليست هذه الدعوة المنكرة سوى قنطرة اللا دينية السائدة في بلاد أخرى منبت الإلحاد وكتبت لها التعاسة والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، والعاقل من اتعظ بغيره والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
هناك تعليق واحد:
مقال اروع من الرائع
إرسال تعليق