ترجمها عن التركية: د. محمد دراج
المقال منقول من موقع المحرر اضغط هنا للذهاب الى الموقع
__________________________________________________________
بعد أن فرغت من حل مسألة ابن القاضي وغيرها أصدرت أوامري بالمسير، حيث وصلنا إلى مدينة الجزائر بعد ساعة. فخرج أعيانها إلى ظاهر المدينة لاستقبالنا. وعندما دخلنا المدينة مررنا عبر شوارعها التي اكتظت بالأهالي الذين راحوا يصفقون بحرارة تعبيرا عن ابتهاجهم بقدومنا. وسرنا حتى بلغنا منازلنا القديمة التي كنا نقيم فيها من قبل.
عندما استقريت في الجزائر بذلت كل ما في وسعي لإعادة النظام والأمن إلى مدينة الجزائر. وفي الوقت ذاته أرسلت إلى سنان رئيس لكي يُحضر عائلتي وسفني إلى الجزائر. فخرج سنان رئيس من جيجل في 33 سفينة، وعندما كان يهم بالدخول إلى ميناء الجزائر أطلق قذائف المدفعية تعبيرا عن تحيته ، فرددت عليه التحية بإطلاق قذائف مدفعية من قلعة الجزائر .
هذا ما كان يحدث في الجزائر. أما في تلمسان، فإن سلطانها الذي أجلسته على عرشها فإنه انتهز فرصة خروجي من الجزائر، ليقوم بإلغاء السكة التي كان يسكها باسم سلطانها المعظم، ويقوم بضرب العملة باسمه. فكتبت إليه ـ بعد استقراري في الجزائر ـ أقول له:
” عليك أن تضرب النقود باسم خليفة الزمان، وترسل دون تأخير الضرائب المتأخرة إلى الجزائر، والتي بلغت 39000 دوقة. إن إلغاء النقود التي كانت تضرب باسم خليفة رسول الله r جرم عظيم. عليك أن تجدد إيمانك في الحال، وإلا فإني سوف سأمحوك من الأرض مثلما فعلت بابن القاضي“
عندما استلم الأمير عبد الله رسالتي قام بتمزيقها ورميها. فقررت على إثر ذلك مساندة ابنه الأمير محمد، الذي كان قد خرج على أبيه رغبة في خلعه والجلوس على عرش تلمسان. فلجأ إلى الجبال في 2000 فارس.
أعددت جيشا وسرت به إلى تلمسان. فلحق بنا في الطريق الأمير عبد الله. فقبل يدي وانضم إلى جيشي. في هذا الوقت كان الملك عبد الله قد خرج من تلمسان وسار إلينا. فالتقينا في مازونة حيث اشتبكت قواتنا هناك. تمكن جيشي من تشتيت قوات الملك عبد الله وأسره. فأمرت على الفور بضرب عنقه، وألبست ابنه الخلعة السلطانية وأجلسته على عرش تلمسان.
أمرت 400 بحار بمرافقة الأمير الجديد إلى تلمسان. فقام هذا الأخير فور وصوله بدفع الضرائب المتأخرة، والتي كانت تقدر بـ90.000 دوقة سلمها إلى بحارتي، وهم بدورهم قاموا بإرسالها إلى الجزائر. لقد كان أهالي تلمسان سعداء جدا بأميرهم الجديد.
في هذه الأثناء تمكن بحارتي من القبض على فرحات ابن أخي ابن القاضي وأحضروه إلي. فطلب العفو معتذرا بأنه لم تكن له صلة بتمرد عمه الشيخ ابن القاضي. وأنه يلتزم بدفع 20.000 دوقة متعهدا أنه سيكون خادما وفيا لي. فعقدت معه معاهدة التزم فيها بأنه لا ينزل من جبال القبائل دون إذني، وأن يدفع سنويا 10.000 ذهبا و 1000 جمل و 1000 بقرة و 2000 شاة و 100 بغل و 20 فرسا.
عندما رجعت إلى الجزائر، قسمت أسطولي إلى مجموعات بحرية صغيرة، وأرسلتها للغزو تحت إمرة سنان رئيس. في الليلة السابقة لخروجها إلى الغزو رأيت في المنام رؤيا صالحة جعلتني أشعر بأنها ستكون غزوة مباركة. وبالفعل عادت 6 سفني تجر 6 سفن تم غنمها من الكفار. كانت إحداها مشحونة بالبارود والرصاص وقذائف المدفع، إضافة إلى 60 قذيفة من البرونز كل واحدة منها تزنا ما بين 18 إلى 24 أقجة. شعرت بسرور عارم لهذه الغنائم لأننا كنا في حاجة إليها.
أما السفينة الثانية فقد مشحونة بالنفط، والقطران، والأعمدة، والألواح. وأما الثالثة فكانت تحمل الزيتون، وزيت الزيتون، والجبن، والعسل. وأما الرابعة فكانت مشحونة بالسكر، بينما كانت الثانيتين الأخيرتين تحملان أموالا نفيسة.
عاد الأسطول الأول إلى الجزائر مشحونا بالغنائم أكثر من غيره من الأساطيل الأخرى. وفضلا عن هذا فإن أي سفينة من سفني الـ35 لم تصب بأذى. فالحمد لله حمدا كثيرا على فضله.
كان الإسبان قد شيدوا قلعة حصينة على أرض صخرية تدعى:” البنيون “ تقع في عرض البحر على مسافة 300 متر من مرسى الجزائر. كانت القلعة قد أسندت حراستها إلى مئات الجنود المتحصنين بها مزودين بمئات المدافع، يقودهم نبيل عجوز يدعى دون مارتين دي فيرغاس، عرف قديما بأنه أحد القباطنة المشهورين. لم يكن باستطاعة الإسبان أن يجعلوا على القلعة عدد كبيرا من الجنود نظرا لضيق مساحتها. لم يكن باستطاعة هؤلاء الجنود أن ينزلوا إلى البر. حتى الماء الذي يشربونه كانوا يأتون به من جز البليار.
قديما كان الإسبان يمطرون مرسى الجزائر بقذائفهم، فيضطر أهالي المدينة إلى الخضوع لهم وقبول ما يملونه عليهم. أما الآن فلم يفعلون ذلك بسبب خوفهم منا. إلا أننا كنا نرى ترك هذه الصخرة في يد الإسبان أمرا غير وجيه. فاقترحت على قائد القلعة الإسباني دون مارتين تسلم القلعة والانسحاب منها دون أن يصابوا بأذى فرفض ما عرضته عليه. عند ذلك شرعت في قصف القلعة بالمدافع على مدى عشرين يوما ليلا ونهارا، إلى أن تمكنت من اقتحامها. وبعد معركة كبيرة أعلن دون مارتين مع 700 من رجاله استسلامهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق