حوار مع احد أعضاء التنظيم الخاص لجماعة الاخوان المسلمين يثبت ان الاخوان يتعاونون مع الامريكان و هو منشور في صحيفة المصري اليوم حتى لا يزايد علينا احد “ و شهد شاهد من أهلها”
حوار طارق صلاح ومنير أديب
يعد أحمد رائف أحد القلائل الذين يتابعون المشهد السياسى لجماعة الإخوان المسلمين عن كثب، ويعرف تفاصيل ما يدور داخل الجماعة منذ سنوات طويلة، وتربطه علاقات طويلة وصداقات ممتدة مع القيادات الراحلة والحالية، ومع ذلك لم نكن نتوقع أن يفجِّر الحوار معه هذا الكم الهائل من المفاجآت والإثارة.
صحيح أن هناك انطباعاً سائداً بأن رائف بعيد عن الجماعة منذ زمن، لكن الجميع يدرك أنه كان أحد قادة التنظيم السرى للجماعة، وألقى به فى معتقلات عبدالناصر لسنوات ضمن تنظيم ١٩٦٥ الذى اتهم بالسعى لقلب نظام الحكم.
فى حواره مع «المصرى اليوم» يكشف أحمد رائف اليوم أن التنظيم السرى للجماعة مازال موجوداً، ويعمل بكفاءة ويقوده خمسة.
وقال: «من حق الجماعة السعى للوصول للحكم وهناك عدد من قيادات التنظيم الدولى يعملون منذ سنوات على إقناع الإدارة الأمريكية والقيادات فى أوروبا بحق الجماعة فى حكم مصر».. فإلى نص الحوار.
* فى البداية، ما شكل علاقتك بجماعة الإخوان المسلمين، وما حدود هذه العلاقة القديمة؟
- قديماً، جمعتنى علاقات قوية بأبرز قيادات الجماعة، واستمرت هذه العلاقات سنوات طويلة، حيث ربطتنى أواصر محبة بالمرشد الثانى للجماعة، المستشار حسن الهضيبى، والمرشد الثالث عمر التلمسانى، الذى كان يوافقنى الرأى فى أن سماع الأغانى حلال، وكانت علاقتى بالمستشار مأمون الهضيبى قوية هى الأخرى.
* معنى ذلك أنه تم اعتقالك بناء على علاقتك بجماعة الإخوان المسلمين؟
- فى الحقيقة أننى كنت قائداً لأحد التنظيمات الخاصة للجماعة فى عام ١٩٦٥ فى أثناء وجود ثلاثة تنظيمات أخرى، أولها تنظيم الشهيد سيد قطب، وتنظيم أحمد عادل كمال، مؤرخ عسكرى، وتنظيم محمد هلال، عضو مكتب الإرشاد الحالى، الذى قام بأعمال المرشد العام للإخوان بعد وفاة المستشار محمد مأمون الهضيبى، ويعتبر أقوى التنظيمات الأربعة، ولكن لم تتم معرفة التنظيم إلا بعد القبض على المجموعة، وأثناء سير التحقيقات من قبل الأجهزة المختصة، فعلاقتى بالجماعة كانت واضحة من خلال هذا التنظيم.
* ما قصة المبايعة التى طلبها منك الإخوان ورفضتها بعد الإفراج عنك؟
- لقد طلب منى المرشد الرابع مصطفى مشهور فى الثمانينيات ما يسمى بالبيعة داخل الجماعة والتى تتمثل فى القَسَم على الطاعة والولاء للإخوان، غير أننى رفضت إعطاءه البيعة لعدم اقتناعى بأداء التنظيم والأدوات التى يستخدمونها.
* ما الأشياء التى لا ترضى عنها، وأنت -كما تذكر- قيادى قديم، كان مسؤولاً عن أحد التنظيمات السرية؟
- ببساطة شديدة، الإخوان أصبحوا يميلون إلى الجمود كما أنهم أصبحوا يحتكرون الرؤى القديمة غير المجدية، ولم تعد لديهم مرونة، فأصبحت مناهجهم عقيمة لا تنتج شيئاً غير أنها تفرخ التسلط والديكتاتورية، فضلاً عن السرية التى أصبحت سمة عامة داخل التنظيم.
* طرحكم بشأن وجود تنظيم سرى يلقى نفياً من قبل الجماعة، هلا حدثتنا عن بدايات نشأة هذا التنظيم؟
- فكرة التنظيم السرى كانت من نبت أفكار عزيز باشا المصرى، الذى تأثر به الإخوان كثيراً وتحديداً الإمام المؤسس الشهيد حسن البنا، وحدث ذلك بعد عودة «المصرى» للقاهرة إثر سقوط الخلافة العثمانية فى تركيا عام ١٩٢٤، ويشهد لـ«المصرى» أنه كان ضابطاً مغموراً يدافع عن الأراضى العربية والإسلامية وله بطولات فى ليبيا وتركيا، وعندما اقتنع المؤسس الشهيد حسن البنا، بفكرة التنظيمات السرية التى طرحها المصرى، بدأ التخطيط لها من عيادة الدكتور أبوبكر نورالدين، أحد قيادات الجماعة آنذاك بحى السيدة زينب.
ومن هنا أوكل «البنا» مهمة قيادة التنظيم السرى فى البداية للصاغ محمود لبيب، ثم الشيخ محمود عبدالحليم، صاحب كتاب «الإخوان أحداث صنعت التاريخ»، ليرأس التنظيم السرى، ثم جاء بعده عبدالرحمن السندى، وابتكر الإخوان وقتها فكرة جديدة لإدارة التنظيم السرى، تتلخص فى وجود خلايا سرية فى ربوع مصر.
* ماذا كانت مهمة التنظيم السرى فى الماضى؟
- كانت مهمة التنظيم فى البداية تحرير العالم العربى من جميع أشكال الاستعمار الأجنبى بعد سقوط الخلافة العثمانية بتركيا - عاصمة الخلافة وقتئذ - وبالفعل قاموا بأعمال بطولية شهدها التاريخ حيث ضحوا بأنفسهم وأموالهم ومستقبل أبنائهم فى سبيل كرامة وحرية وشرف الأوطان العربية والإسلامية.
* وإلى متى استمر هذا التنظيم السرى داخل الجماعة؟
- مازال التنظيم السرى موجوداً حتى هذه اللحظة التى نحياها رغم اختفاء الاستعمار الأجنبى تقريباً من أوطاننا، الذى نشأ التنظيم من أجل محاربته.
* ما معلوماتك بشأن هذا التنظيم السرى الموجود حالياً داخل الجماعة؟
- يتكون هذا التنظيم الحالى من خمسة قيادات إخوانية هم: الدكتور محمد حبيب، النائب الأول للمرشد والدكتور محمود عزت، أمين عام الجماعة، والدكتور محمود غزلان، والدكتور محمد بديع والدكتور محمد مرسى، أعضاء مكتب الإرشاد.
* وما مهمة هذا التنظيم من وجهة نظركم؟
- يقوم هذا التنظيم بالحفاظ على كيان الجماعة فى اتجاه تحقيق أهدافها وأغراضها التى قامت من أجلها، خاصة فى ظل الظروف التى تتعرض فيها لاضطهاد من قبل الأنظمة الحاكمة حتى تحقق الجماعة هدفها المنشود فى إقامة الخلافة الإسلامية.
وهذا التنظيم منوط به إصدار الأوامر والتعليمات إلى المستويات العُليا للجماعة التى تقوم بدورها بنشر هذه التعليمات لجميع المستويات الإخوانية، والقارئ فى تاريخ الإخوان يعلم جيداً أن الجماعة هيكل تنظيمى كبير ليس داخلياً فقط لكن عالمياً، وهذا يحتاج غالباً إلى مستويات وتنظيمات سرية للإدارة بعيداً عن العموم.
* ولكن كلامك بشأن وجود هذا التنظيم لا يُثبته دليل عقلى وينفيه الإخوان مراراً وتكراراً؟
- كلامى بشأن وجود هذا التنظيم له أصل وسند تاريخى، ولعلمك الشخصى الإخوان ليس لديهم أى نية للتنازل عن هذا التنظيم أو تفكيكه، والأمثلة على ذلك كثيرة فالمشادة التى تمت بين عمر التلمسانى، المرشد الثالث، ومصطفى مشهور، المرشد الخامس، عندما رفض الأخير - الذى وضع ملامح هذا التنظيم - تعميم خطاب التلمسانى على المكاتب الإدارية،
حيث استدعى مشهور وقتها أحد الإخوان من مكتب الإرشاد بالتوفيقية وقال: إذا صدر لك تكليفان، أحدهما من المرشد الحالى، عمر التلمسانى، والآخر من مصطفى مشهور، أيهما تنفذ؟ فكان جواب ذلك الأخ: أنفذ كلام مشهور ولا أنفذ كلام التلمسانى.. وهذا دليل على قوة التنظيم الذى أصبح أقوى من المرشد.
* وما التباينات بين التنظيم السرى فى الماضى والحاضر؟
- فى الماضى كان التدريب عسكرياً على أعمال فدائية لتحرير البلاد، أما الآن فلا يوجد تدريب عسكرى ولا أعمال فدائية، وإنما تتلخص مهامه فى حماية وتأمين الجماعة ككيان ومنع محاولات اختراقها وتأمين وسائل وطرق اتصالاتها فى الظروف الصعبة وإخفاء ما يحاول الآخرون، سواء أجهزة الأمن أو غيرها، كشفه لعدم الإضرار بمصلحة الجماعة أو ضربها فى العمق.
* وما موقع عاكف «المرشد الحالى» من التنظيم السرى؟
- ليس له دور مباشر، لأنه يجب الأخذ فى الاعتبار موقع المرشد، فله وضعه واحترامه داخل جميع هيئات وتنظيمات الجماعة، فضلا عن أن المرشد العام هو واجهة الجماعة وإن كانت طوال تاريخها لم تعتمد بشكل كلى على شخص المرشد فقط ولكن القيادات الأساسية فى الجماعة تلعب دوراً مهماً وتكمل بعضها بعضاً،
وليست هناك أدوار موازية باستثناء الوضع الخاص بالتنظيم السرى الذى يقوم بالمهمة الكبرى وهى حماية وتنظيم الجماعة، كما ذكرنا، أضف إلى ذلك أن التنظيم السرى لعب الدور الرئيسى منذ تأسيس الجماعة حتى الآن فى استمراريتها والحفاظ على نقاط القوة فيها، وتجنيبها منحنيات صعبة كادت تعصف بها.
* للأمانة التاريخية وبمناسبة حديثك عن التنظيم الخاص، ما معلوماتك عن حادث المنشية وما علاقة التنظيم الخاص به؟
- للأمانة التاريخية أقول، بعد هذا العمر وأنا مرتاح الضمير، إن هذا الحادث تم ترتيبه بشكل شخصى بمعنى أن عناصر من الإخوان المسلمين وقفوا وراء العملية، حيث كلف هنداوى دوير، الذى كان مسؤولاً عن خلية إمبابة السرية بالقاهرة، أحد مساعديه محمود عبداللطيف، الذى كان يعمل سباكاً، وعرف بكفاءته العالية فى استخدام السلاح والتصويب من مسافات بعيدة بذلك.
وكان كل ذلك الترتيب من قبل هنداوى، دون الرجوع للجماعة أو لقيادتها، لا العلنية ولا السرية، ومن هنا لا نستطيع أن نقول إن جماعة الإخوان دبرت لاغتيال الرئيس جمال عبدالناصر.
* أثير فى الفترة الماضية خلافة مهدى عاكف، فى اعتقادك من يصلح فى هذه المرحلة الدقيقة ليتولى هذا الموقع؟
- فى اعتقادى أن الجماعة فى الظروف الحالية وبتركيبتها الراهنة سوف تتصرف على النحو التالى، وهو اختيار شخص من القيادات غير المعروفة للرأى العام وذلك فى اتجاه لتهدئة الأمور مع الأجهزة الأمنية وعدم التصعيد معها خلال الفترة المقبلة.
أما فى تصورى الشخصى، وفى ظل الظروف الراهنة، فأنا أرشح عدداً من الأسماء التى أرى لها حيثيتها لتولى هذا المنصب، ومن ضمن من أرشحهم الدكتور كمال الهلباوى، مسؤول الجماعة فى أوروبا سابقاً «الخارج»، أو الأستاذ يوسف ندا، مفوض العلاقات الخارجية بالتنظيم الدولى للإخوان،
أما من الداخل فإننى أرشح الدكتور محمد سليم العوا، أو المستشار طارق البشرى، وهؤلاء الأربعة تحديداً أراهم واجهة حضارية تخاطب ليس الواقع الداخلى فقط ولكن العالم كله، وكل واحد من هؤلاء له خلفياته الثقافية وذو ثقافة رفيعة وله قبول داخل وخارج الجماعة وثقل واتصالات واسعة، لأن الظروف التى تعيشها الجماعة استثنائية، وبالتالى تحتاج لأفكار غير تقليدية فى هذه المرحلة ولشخصيات غير تقليدية أيضاً، من هنا أرشح هؤلاء الأربعة، حيث إنى لا أرى أن اختيار المرشد القادم فى ظل المسار الطبيعى الحالى للجماعة سوف يكون موفقاً.
* السؤال الملح الذى يتهرب الكثيرون من الإجابة عنه: هل يسعى الإخوان للوصول لحكم مصر؟
- أود توضيح شىء قبل الإجابة، الجماعة تخطط للوصول لحكم مصر، وهذا حقها وليس الاستيلاء على حكم مصر كما يتهمها البعض، لأن من حق أى جماعة سياسية السعى للوصول للحكم وأن تطلبه لنفسها، أضف إلى ذلك أن الحزب الوطنى فى الحكم منذ عقود طويلة والناصريين حكموا مصر والوفديين حكموا مصر، فلماذا لا نعطى الفرصة للإخوان؟
وتقديرى الشخصى، ومن قراءتى لمسار الأحداث السياسية فى مصر، أن الإخوان سوف يحكمون مصر فى القريب العاجل، وأتوقع أن اللحظة التاريخية سوف تكون فى نهاية حكم جمال مبارك ابن الرئيس الحالى والمرشح الوحيد لخلافته،
وأقول لمن لا يعلم إن هناك عناصر فى التنظيم الدولى مهمتها الوحيدة تمهيد الطرق وإفساح المجال أمام إخوان مصر لهذه المهمة واقناع القيادات فى أوروبا وأمريكا بذلك، وأتصور أن المعادلة السياسية التى عاش فى ظلها النظام الحالى طوال سنوات مضت وكان يسوّقها للعالم، وهى أن الإخوان البديل المستحيل للنظام الحالى سقطت الآن،
خاصة بعد مجىء إدارة أمريكية منفتحة على جميع الأفكار والتيارات، ونتيجة لجهود قيادات فى التنظيم الدولى عملت على مدار سنوات طويلة أصبحت هناك علاقات أفضل ما بين الإدارة الأمريكية والإخوان المسلمين، وهناك دليل قوى على صحة كلامى يراه الجميع، وهو أن الدوائر البحثية القريبة من الإدارة الأمريكية السابقة والحالية تدرس سيناريوهات ما بعد وصول الإخوان لحكم مصر وهذا أكثر شىء يزعج النظام الحالى فى مصر.
حوار طارق صلاح ومنير أديب
يعد أحمد رائف أحد القلائل الذين يتابعون المشهد السياسى لجماعة الإخوان المسلمين عن كثب، ويعرف تفاصيل ما يدور داخل الجماعة منذ سنوات طويلة، وتربطه علاقات طويلة وصداقات ممتدة مع القيادات الراحلة والحالية، ومع ذلك لم نكن نتوقع أن يفجِّر الحوار معه هذا الكم الهائل من المفاجآت والإثارة.
صحيح أن هناك انطباعاً سائداً بأن رائف بعيد عن الجماعة منذ زمن، لكن الجميع يدرك أنه كان أحد قادة التنظيم السرى للجماعة، وألقى به فى معتقلات عبدالناصر لسنوات ضمن تنظيم ١٩٦٥ الذى اتهم بالسعى لقلب نظام الحكم.
فى حواره مع «المصرى اليوم» يكشف أحمد رائف اليوم أن التنظيم السرى للجماعة مازال موجوداً، ويعمل بكفاءة ويقوده خمسة.
وقال: «من حق الجماعة السعى للوصول للحكم وهناك عدد من قيادات التنظيم الدولى يعملون منذ سنوات على إقناع الإدارة الأمريكية والقيادات فى أوروبا بحق الجماعة فى حكم مصر».. فإلى نص الحوار.
* فى البداية، ما شكل علاقتك بجماعة الإخوان المسلمين، وما حدود هذه العلاقة القديمة؟
- قديماً، جمعتنى علاقات قوية بأبرز قيادات الجماعة، واستمرت هذه العلاقات سنوات طويلة، حيث ربطتنى أواصر محبة بالمرشد الثانى للجماعة، المستشار حسن الهضيبى، والمرشد الثالث عمر التلمسانى، الذى كان يوافقنى الرأى فى أن سماع الأغانى حلال، وكانت علاقتى بالمستشار مأمون الهضيبى قوية هى الأخرى.
* معنى ذلك أنه تم اعتقالك بناء على علاقتك بجماعة الإخوان المسلمين؟
- فى الحقيقة أننى كنت قائداً لأحد التنظيمات الخاصة للجماعة فى عام ١٩٦٥ فى أثناء وجود ثلاثة تنظيمات أخرى، أولها تنظيم الشهيد سيد قطب، وتنظيم أحمد عادل كمال، مؤرخ عسكرى، وتنظيم محمد هلال، عضو مكتب الإرشاد الحالى، الذى قام بأعمال المرشد العام للإخوان بعد وفاة المستشار محمد مأمون الهضيبى، ويعتبر أقوى التنظيمات الأربعة، ولكن لم تتم معرفة التنظيم إلا بعد القبض على المجموعة، وأثناء سير التحقيقات من قبل الأجهزة المختصة، فعلاقتى بالجماعة كانت واضحة من خلال هذا التنظيم.
* ما قصة المبايعة التى طلبها منك الإخوان ورفضتها بعد الإفراج عنك؟
- لقد طلب منى المرشد الرابع مصطفى مشهور فى الثمانينيات ما يسمى بالبيعة داخل الجماعة والتى تتمثل فى القَسَم على الطاعة والولاء للإخوان، غير أننى رفضت إعطاءه البيعة لعدم اقتناعى بأداء التنظيم والأدوات التى يستخدمونها.
* ما الأشياء التى لا ترضى عنها، وأنت -كما تذكر- قيادى قديم، كان مسؤولاً عن أحد التنظيمات السرية؟
- ببساطة شديدة، الإخوان أصبحوا يميلون إلى الجمود كما أنهم أصبحوا يحتكرون الرؤى القديمة غير المجدية، ولم تعد لديهم مرونة، فأصبحت مناهجهم عقيمة لا تنتج شيئاً غير أنها تفرخ التسلط والديكتاتورية، فضلاً عن السرية التى أصبحت سمة عامة داخل التنظيم.
* طرحكم بشأن وجود تنظيم سرى يلقى نفياً من قبل الجماعة، هلا حدثتنا عن بدايات نشأة هذا التنظيم؟
- فكرة التنظيم السرى كانت من نبت أفكار عزيز باشا المصرى، الذى تأثر به الإخوان كثيراً وتحديداً الإمام المؤسس الشهيد حسن البنا، وحدث ذلك بعد عودة «المصرى» للقاهرة إثر سقوط الخلافة العثمانية فى تركيا عام ١٩٢٤، ويشهد لـ«المصرى» أنه كان ضابطاً مغموراً يدافع عن الأراضى العربية والإسلامية وله بطولات فى ليبيا وتركيا، وعندما اقتنع المؤسس الشهيد حسن البنا، بفكرة التنظيمات السرية التى طرحها المصرى، بدأ التخطيط لها من عيادة الدكتور أبوبكر نورالدين، أحد قيادات الجماعة آنذاك بحى السيدة زينب.
ومن هنا أوكل «البنا» مهمة قيادة التنظيم السرى فى البداية للصاغ محمود لبيب، ثم الشيخ محمود عبدالحليم، صاحب كتاب «الإخوان أحداث صنعت التاريخ»، ليرأس التنظيم السرى، ثم جاء بعده عبدالرحمن السندى، وابتكر الإخوان وقتها فكرة جديدة لإدارة التنظيم السرى، تتلخص فى وجود خلايا سرية فى ربوع مصر.
* ماذا كانت مهمة التنظيم السرى فى الماضى؟
- كانت مهمة التنظيم فى البداية تحرير العالم العربى من جميع أشكال الاستعمار الأجنبى بعد سقوط الخلافة العثمانية بتركيا - عاصمة الخلافة وقتئذ - وبالفعل قاموا بأعمال بطولية شهدها التاريخ حيث ضحوا بأنفسهم وأموالهم ومستقبل أبنائهم فى سبيل كرامة وحرية وشرف الأوطان العربية والإسلامية.
* وإلى متى استمر هذا التنظيم السرى داخل الجماعة؟
- مازال التنظيم السرى موجوداً حتى هذه اللحظة التى نحياها رغم اختفاء الاستعمار الأجنبى تقريباً من أوطاننا، الذى نشأ التنظيم من أجل محاربته.
* ما معلوماتك بشأن هذا التنظيم السرى الموجود حالياً داخل الجماعة؟
- يتكون هذا التنظيم الحالى من خمسة قيادات إخوانية هم: الدكتور محمد حبيب، النائب الأول للمرشد والدكتور محمود عزت، أمين عام الجماعة، والدكتور محمود غزلان، والدكتور محمد بديع والدكتور محمد مرسى، أعضاء مكتب الإرشاد.
* وما مهمة هذا التنظيم من وجهة نظركم؟
- يقوم هذا التنظيم بالحفاظ على كيان الجماعة فى اتجاه تحقيق أهدافها وأغراضها التى قامت من أجلها، خاصة فى ظل الظروف التى تتعرض فيها لاضطهاد من قبل الأنظمة الحاكمة حتى تحقق الجماعة هدفها المنشود فى إقامة الخلافة الإسلامية.
وهذا التنظيم منوط به إصدار الأوامر والتعليمات إلى المستويات العُليا للجماعة التى تقوم بدورها بنشر هذه التعليمات لجميع المستويات الإخوانية، والقارئ فى تاريخ الإخوان يعلم جيداً أن الجماعة هيكل تنظيمى كبير ليس داخلياً فقط لكن عالمياً، وهذا يحتاج غالباً إلى مستويات وتنظيمات سرية للإدارة بعيداً عن العموم.
* ولكن كلامك بشأن وجود هذا التنظيم لا يُثبته دليل عقلى وينفيه الإخوان مراراً وتكراراً؟
- كلامى بشأن وجود هذا التنظيم له أصل وسند تاريخى، ولعلمك الشخصى الإخوان ليس لديهم أى نية للتنازل عن هذا التنظيم أو تفكيكه، والأمثلة على ذلك كثيرة فالمشادة التى تمت بين عمر التلمسانى، المرشد الثالث، ومصطفى مشهور، المرشد الخامس، عندما رفض الأخير - الذى وضع ملامح هذا التنظيم - تعميم خطاب التلمسانى على المكاتب الإدارية،
حيث استدعى مشهور وقتها أحد الإخوان من مكتب الإرشاد بالتوفيقية وقال: إذا صدر لك تكليفان، أحدهما من المرشد الحالى، عمر التلمسانى، والآخر من مصطفى مشهور، أيهما تنفذ؟ فكان جواب ذلك الأخ: أنفذ كلام مشهور ولا أنفذ كلام التلمسانى.. وهذا دليل على قوة التنظيم الذى أصبح أقوى من المرشد.
* وما التباينات بين التنظيم السرى فى الماضى والحاضر؟
- فى الماضى كان التدريب عسكرياً على أعمال فدائية لتحرير البلاد، أما الآن فلا يوجد تدريب عسكرى ولا أعمال فدائية، وإنما تتلخص مهامه فى حماية وتأمين الجماعة ككيان ومنع محاولات اختراقها وتأمين وسائل وطرق اتصالاتها فى الظروف الصعبة وإخفاء ما يحاول الآخرون، سواء أجهزة الأمن أو غيرها، كشفه لعدم الإضرار بمصلحة الجماعة أو ضربها فى العمق.
* وما موقع عاكف «المرشد الحالى» من التنظيم السرى؟
- ليس له دور مباشر، لأنه يجب الأخذ فى الاعتبار موقع المرشد، فله وضعه واحترامه داخل جميع هيئات وتنظيمات الجماعة، فضلا عن أن المرشد العام هو واجهة الجماعة وإن كانت طوال تاريخها لم تعتمد بشكل كلى على شخص المرشد فقط ولكن القيادات الأساسية فى الجماعة تلعب دوراً مهماً وتكمل بعضها بعضاً،
وليست هناك أدوار موازية باستثناء الوضع الخاص بالتنظيم السرى الذى يقوم بالمهمة الكبرى وهى حماية وتنظيم الجماعة، كما ذكرنا، أضف إلى ذلك أن التنظيم السرى لعب الدور الرئيسى منذ تأسيس الجماعة حتى الآن فى استمراريتها والحفاظ على نقاط القوة فيها، وتجنيبها منحنيات صعبة كادت تعصف بها.
* للأمانة التاريخية وبمناسبة حديثك عن التنظيم الخاص، ما معلوماتك عن حادث المنشية وما علاقة التنظيم الخاص به؟
- للأمانة التاريخية أقول، بعد هذا العمر وأنا مرتاح الضمير، إن هذا الحادث تم ترتيبه بشكل شخصى بمعنى أن عناصر من الإخوان المسلمين وقفوا وراء العملية، حيث كلف هنداوى دوير، الذى كان مسؤولاً عن خلية إمبابة السرية بالقاهرة، أحد مساعديه محمود عبداللطيف، الذى كان يعمل سباكاً، وعرف بكفاءته العالية فى استخدام السلاح والتصويب من مسافات بعيدة بذلك.
وكان كل ذلك الترتيب من قبل هنداوى، دون الرجوع للجماعة أو لقيادتها، لا العلنية ولا السرية، ومن هنا لا نستطيع أن نقول إن جماعة الإخوان دبرت لاغتيال الرئيس جمال عبدالناصر.
* أثير فى الفترة الماضية خلافة مهدى عاكف، فى اعتقادك من يصلح فى هذه المرحلة الدقيقة ليتولى هذا الموقع؟
- فى اعتقادى أن الجماعة فى الظروف الحالية وبتركيبتها الراهنة سوف تتصرف على النحو التالى، وهو اختيار شخص من القيادات غير المعروفة للرأى العام وذلك فى اتجاه لتهدئة الأمور مع الأجهزة الأمنية وعدم التصعيد معها خلال الفترة المقبلة.
أما فى تصورى الشخصى، وفى ظل الظروف الراهنة، فأنا أرشح عدداً من الأسماء التى أرى لها حيثيتها لتولى هذا المنصب، ومن ضمن من أرشحهم الدكتور كمال الهلباوى، مسؤول الجماعة فى أوروبا سابقاً «الخارج»، أو الأستاذ يوسف ندا، مفوض العلاقات الخارجية بالتنظيم الدولى للإخوان،
أما من الداخل فإننى أرشح الدكتور محمد سليم العوا، أو المستشار طارق البشرى، وهؤلاء الأربعة تحديداً أراهم واجهة حضارية تخاطب ليس الواقع الداخلى فقط ولكن العالم كله، وكل واحد من هؤلاء له خلفياته الثقافية وذو ثقافة رفيعة وله قبول داخل وخارج الجماعة وثقل واتصالات واسعة، لأن الظروف التى تعيشها الجماعة استثنائية، وبالتالى تحتاج لأفكار غير تقليدية فى هذه المرحلة ولشخصيات غير تقليدية أيضاً، من هنا أرشح هؤلاء الأربعة، حيث إنى لا أرى أن اختيار المرشد القادم فى ظل المسار الطبيعى الحالى للجماعة سوف يكون موفقاً.
* السؤال الملح الذى يتهرب الكثيرون من الإجابة عنه: هل يسعى الإخوان للوصول لحكم مصر؟
- أود توضيح شىء قبل الإجابة، الجماعة تخطط للوصول لحكم مصر، وهذا حقها وليس الاستيلاء على حكم مصر كما يتهمها البعض، لأن من حق أى جماعة سياسية السعى للوصول للحكم وأن تطلبه لنفسها، أضف إلى ذلك أن الحزب الوطنى فى الحكم منذ عقود طويلة والناصريين حكموا مصر والوفديين حكموا مصر، فلماذا لا نعطى الفرصة للإخوان؟
وتقديرى الشخصى، ومن قراءتى لمسار الأحداث السياسية فى مصر، أن الإخوان سوف يحكمون مصر فى القريب العاجل، وأتوقع أن اللحظة التاريخية سوف تكون فى نهاية حكم جمال مبارك ابن الرئيس الحالى والمرشح الوحيد لخلافته،
وأقول لمن لا يعلم إن هناك عناصر فى التنظيم الدولى مهمتها الوحيدة تمهيد الطرق وإفساح المجال أمام إخوان مصر لهذه المهمة واقناع القيادات فى أوروبا وأمريكا بذلك، وأتصور أن المعادلة السياسية التى عاش فى ظلها النظام الحالى طوال سنوات مضت وكان يسوّقها للعالم، وهى أن الإخوان البديل المستحيل للنظام الحالى سقطت الآن،
خاصة بعد مجىء إدارة أمريكية منفتحة على جميع الأفكار والتيارات، ونتيجة لجهود قيادات فى التنظيم الدولى عملت على مدار سنوات طويلة أصبحت هناك علاقات أفضل ما بين الإدارة الأمريكية والإخوان المسلمين، وهناك دليل قوى على صحة كلامى يراه الجميع، وهو أن الدوائر البحثية القريبة من الإدارة الأمريكية السابقة والحالية تدرس سيناريوهات ما بعد وصول الإخوان لحكم مصر وهذا أكثر شىء يزعج النظام الحالى فى مصر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق