ترجمها عن التركية: د. محمد دراج
منقول من موقع المحرر اضغط هنا للذهاب للموقع
___________________________________________________
تعالوا نتعرف على أوضاع البلاد : عندما جلس السلطان سليم خان على العرش ، وقع خلاف بينه وبين أخيه الأمير قورقود، فأرسل إليه السلطان سليم جيشا، فلم يدع مكانا لم يبحث عنه فيه، إلا أنه لم يتمكن من العثور عليه. في ذلك الوقت كان القبطان باشا إسكندر باشا. كان رجلا في غاية الجور والظلم.
لم يكن يأذن لأحد بركوب البحر ولو على قارب صغير ذي مجدافين .وكثيرا ما قام بإيذاء البحارة بدعوى أنهم من رجال الأمير قورقود . عندما بلغني ذلك قررت مغادرة ميديللي ، فحمّلت سفينة قمح ، ثم مضيت بسرعة إلى طرابلس الشام ، حيث استبدلت القمح بالشعير ، ثم ذهبت إلى بروزة حيث بعت شعيري ، واشتريت بعض الأفراس ، والبغال . ثم رسوت في جزيرة أياماوري المقابلة لبروزة . فرأيت سفينة ذات 24 مقعدا راسية في الميناء . أعجبت بها كثيرا ، فسألت عن صاحبها فقيل لي بأنها لقبطان تركي يدعى : القبطان فتاح . كان القبطان فتاح قد توفي قريبا ، فأرسل ورثته السفينة إلى هناك لبيعها .لقد أُغرمت كثيرا بهذه السفينـة ، وكنت مستعدا لدفع أي مبلغ يريده أصحابها . وفي النهاية اتفقت معهم على ستة أكياس من الفضـة . وعندما اشتريت السفينة خيل إليَّ وكأن العالم كله قد صار ملكا لي . ركبت سفينتي ، وأخذت بقية القطع . فجُبت البحر المتوسط طولا وعرضا . إلى أن أتيت جزيرة جربة . فالتقيت بأخي أروج هناك . وبينما نحن نفكر إلى أين نذهب ، حتى قررنا التوجه إلى تونس .وقلنا : ” ما دام الموت هو نهاية كل حي ، فليكن في الغزو في سبيل الله ” .
كنت أنا وأخي ، ويحيى رئيس . ركب كل منا سفينة ، وأتينا تونس فدخلنا على السلطان ، و قدمنا له الهدايا ، ثم قلنا له :
-” نريد أن تتفضل علينا بمكان نحمي فيه سفننا . ونحن نقوم بالجهاد في سبيل الله . والغنائم التي نغنمها سوف نبيعها في أسواق تونس ، فيستفيد المسلمون . وتنتعش التجارة . كما نعطيك 1/8 من الغنائم التي نحصل عليها “.
سلطان تونس :
- ” إن ما تقولونه منطقي جدا . ” أهلا وسهلا بكم ، البلد بلدكم ” .
بارك الله في غزوكم
منحنا السلطان ميناء حلق الوادي ، فقضينا الشتاء هناك . وعندما حل الربيع ركبنا البحر . بخمس قطع بحرية . كانت سفينتي أسرعها .فبلغنا جزيرة سردونيا ، وهناك استولينا على سفينة أحد القراصنة . كان فيها 150 أسيرا.
وفي هذه الأثناء بدت لنا في الأفق والعياذ بالله . كان ذراعي الأيمن دلي محمد قبطانا لإحدى السفن كأنها جبل كشيش سفننا ، كان شابا شجاعا ، قال لي:
- ” سيدي القبطان ، أرجو أن تأذن لي في الذهاب لأستولي على تلك السفينة ” .
ولكي آخذ بخاطر دلي محمد فقد أذنت له بأن يمضي ليستولي عليها . كانت سفينته تبدو صغيرة جدا أمام سفينة العدو وكأنها غلاف حبة البندق . أما نحن فقد تعقبنا سفينة دلي محمد ، وعندما حاذينا السفينة . لم نجد بها أحدا . لقد ركبوا قواربهم وفروا عندما رأوا سفننا . صعدنا إلى السفينة ، كانت مشحونة قمحا . سلمنا على دلي محمد وقلنا له :
- ” غزو مبارك ” .
وفي الصباح التالي ، استولينا على سفينتين أخريين . إحداهما كانت محملة بالعسل ، والزيتون ، والجبن . أما الأخرى فقد كانت سفينة جنوية محملة بالحديد .
وصلنا إلى تونس على أصوات طلقات المدافع ، مثقلين بغنائم كالجبال . أخذ جميع الغزاة قدر ما يريدون من الغنائم . كما قمنا بفرز حصة السلطان ، وتصدقنا بمال كثير على الفقراء ، فنلنا منهم كثيرا من الدعاء .
بدأ الكفار يهابوننا
أمضينا الشتاء في تونس أيضا ، وعندما حل الربيع خرجنا للغزو . وصلنا خلال ثلاثة عشر يوما إلى ميناء أنابولي بجزيرة مورة . فصادفنا مركبا كبيرا متوجها إلى إسبانيا . كان فيه ما بين 300 إلى 400 مقاتل .رفعنا راياتنا الذهبية وشرعنا في قصفهم . حاولنا سبع مرات الاقتراب من المركب ، وفي المرة السابعة تمكنا من محاذاتـه . فجرت معركة كبيرة تمكنا على إثرها من الاستيلاء عليه . سقط 150 شهيدا من رفاقنا ، وجرح 86 منهم . و تبين لنا أنه كان في السفينة 525 شخصا ، أسرنا منهم 183 ، وأما الآخرون فقد كانوا قد قتلوا . كان من بينهم واليا لإحدى المقاطعات الكبيرة بإسبانيا . استولينا على سفينة أخرى ثم رجعنا إلى تونـس .كان أخي أروج قد جرح ، فتمت معالجته في تونس .كان من بين الغنائم التي حصلنا عليها : 70 إلى 80 ببـغاء ، و 20 بازيا. قمنا بإهدائها إلى سلطان تونس . بعد هذه الغزوة شاع أمرنا في كل ممالك الكفر . فاتفقوا على القضاء علينا قائلين :
- “لقد ظهر تركيان اسمهما : أروج ، وخير الدين خضر . يجب أن نسحق هاتين الحيتين قبل أن تتحولا إلى تنين . علينا أن نمحو اسمهما من على وجه
الأرض . والآن إذا أتحنا لهما الفرصة فإنهما سوف يسببان لنا متاعب كثيرة .
وهكذا أعد الكفار عشر قطع إعدادا جيدا لإلقاء القبض علينا. لكننا كنا قد ركبنا البحر بحرية من نوع قادرغة قبل وصولهم . كنا نريد التوجه إلى جنوة ، إلا أنه بسبب مخالفة الرياح توجهنا إلى سواحل الجزائر . فرسونا أمام قلعة تدعى : “بجاية” . وأما السفن الإسبانية ، فإنها عندما لم تعثر علينا في سواحل جنوة ، فقد توجهت إلى بجاية . كان الاشتباك معها على الساحل فيه خطورة كبيرة ، ولذلك فقد ركبنا البحر بسرعة . ظنت السفن الكافرة أننا فررنا منها ، فانطلقت خلفنا .
وعندما ابتعدنا عن الساحل بمسافة كافية ، أمرنا أخي أروج بالعودة والاقتراب من السفن الكافرة . دهش الكفار لهذه المناورة التي لم تكن متوقعة ، فجرت معركة كبيرة . أسرعنا إلى سفينة القيادة . وما إن استولينا عليها مع ثلاث سفن أخرى ، حتى لاذت السفن الباقية بالفرار نحو بجاية محتمية بقلعتها . أراد أخي أروج أن يدخل تحت القلعة ليستولي على السفن . كنت أريد منعـه ، لأن وضعه كان خطيرا جدا .كان الأحوط أن نأخذ السفن الأربعة ، ونرجع إلى تونس ، ونترك السفن الستة الباقية لحالها .
—————-
الحلقة القادمة : أربع سفن صارت أربعة عشر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق